دعا الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى الجهاد بالمال دعمًا ونصرة للمسجد الأقصى ولمدينة القدس المحتلة التي تتعرض للتهويد على مدار الساعة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية.
وقال القرضاوي خلال خطبة الجمعة الماضية في مسجد عمر بن الخطاب: القدس تتعرض للتهويد والمسجد الأقصى تحيط به الأخطار من كل اتجاه، وإذا كان المجاهدون من أبناء الشعب الفلسطيني يجاهدون بأموالهم ودمائهم دفاعا عن مقدسات المسلمين ونصرة لدين الله عز وجل، فأقل واجب علينا أن نجاهد بأموالنا كل حسب قدرته واستطاعته، دعمًا لإخواننا ودفاعًا عن أرضنا ومقدساتنا.
ورفض وصف المساهمة بالأموال بالتبرع، وقال: لا أوافق على وصف ما نقوم به بأنه تبرع، فهي كلمة تشي بأننا نمن على القضية الفلسطينية قضية المسلمين الأولى، وإنما نؤدي الحد الأدنى من واجبنا تجاهها، ونجاهد بهذه الأموال التي رزقنا الله إياها بفضله وكرمه.
وشدد القرضاوي على ضرورة التعاون مع حملة صندوق القدس التي أطلقها الهلال الأحمر القطري، وتستهدف دعم المقدسيين في مدينة القدس المحتلة، وحمايتها من مخاطر التهويد وطمس هويتها الإسلامية، وذلك عن طريق عدة وسائل من أهمها ترميم المنازل القديمة، وتثبيت المقدسيين على أرضهم ورفض المحاولات الإسرائيلية لترحيلهم عن المدينة المحتلة.
وأضاف: علينا دعم القدس وحماية المسجد الأقصى بكل ما نستطيع بدمائنا وأموالنا وقلوبنا وألسنتنا ودعائنا ومقاطعة بضائع أعدائنا، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، والمسلمون يد واحدة يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم، وأمة الإسلام كالجسد الواحد إذا اشتكى بعضه اشتكى كله، والقليل على القليل يكفي إن شاء الله تعالى.
وتابع: فعلى المسلمين مد أيديهم بكل ما يستطيعون للحفاظ على بقاء المقدسيين في أرضهم داخل القدس المحتلة وبجوار المسجد الأقصى، خاصة مع محاولات اليهود المستمرة والمتصاعدة لتهجيرهم، حيث لا يسمحون ببناء بيت تهدم، أو توسعة بيت، أو ترميمه.
وكان القرضاوي قد واصل خلال خطبته سلسلة شرح أسماء الله الحسنى من خلال آيات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، حيث شرح في وقت سابق أسماء الله الرحمن الرحيم ورب العالمين والحكيم والحي والعزيز والعدل والعفو والمنتقم، فيما خصص هذه الخطبة لاسم الله عز وجل الغفور.
وأوضح أنه من أعظم الأسماء الحسنى التي يحتاجها المسلم، وقد تكرر في القرآن الكريم عدة مرات، حيث اقترن بالعفو والرحمة، فيما جاء في بعض الأحيان مقترنًا باسم الحليم، وأخرى باسم الشكور.
وأشار إلى أن الغفران هو الستر في اللغة العربية، ومنه جاءت كلمة المغفر التي تلبس على الرأس في الحروب للستر والوقاية من الإصابة، لافتًا إلى الفرق بين العفو والمغفرة، موضحًا أن العفو يتعلق بالعفو عن ترك المأمور، فيما تتعلق المغفرة بمغفرة فعل المحظور شرعًا.
وأكد أن المغفرة مرتبطة بالعفو والرحمة، وهي معانٍ يحتاجها المسلمون بشدة في كل وقت، مشيرًا إلى أن صيغة الغفار تكررت كثيرًا في القرآن وهي صيغة مبالغة لتؤكد سعة مغفرة الله عز وجل، وتدل أن الله عز وجل هو الغفار على الحقيقة ولا يوجد أحد في مثل مغفرته أو قريبا منها، فالله يغفر لكل الناس منذ خلقهم، وعلى مختلف ذنوبهم.
ولفت إلى أن المغفرة مرتبطة بمعاصي الناس، الذين يخطئون دائمًا بحكم تكوينهم الذي يختلط فيه الخير بالشر، والصادق هو من يغلب الخير على الشر، موضحًا أن الله عز وجل لو أراد خلق أناس لا يذنبون لفعل وخلق الناس مثل الملائكة يطيعون دائمًا ولا يخطئون، مضيفًا: لكن الإنسان فيه صفات مثل الغضب والشهوة، ولذلك يحتاج إلى المغفرة من الغفور سبحانه وتعالى، الذي وسعت مغفرته كل شيء.
وشدد على أن المغفرة تؤدي إلى التوازن النفسي في حياة الإنسان، لأن بدونها سيقع الإنسان في اليأس من رحمة الله، وهو طريق الهلاك، فالإنسان المتوازن هو الذي يوازن بين الخوف من عذاب الله تبارك وتعالى، وبين الرجاء في عفوه ومغفرته ورحمته، وقد تكرر ذلك في القرآن كثيرًا، للتأكيد على قضية التوازن بين الخوف والرجاء.
وأضاف: مهما ارتكب الإنسان من الخطايا فلا يقنط من رحمة الله تعالى ومغفرته، كما في القرآن الكريم (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم)، خاصة أن القنوط واليأس من مظاهر الكفر والضلال، كما قال يعقوب عليه السلام بإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
وأشار إلى أن أول من أذنب هو آدم أبو البشر عليه السلام، لكنه أيضًا أول من استغفر وطلب العفو من ربه تبارك وتعالى، مضيفًا: لذلك إذا كنا نذب مثلما أذنب آدم عليه السلام، فعلينا أيضًا أن نستغفر ونتوب مثلما تاب عليه السلام. محذرًا من خطأ مفهوم وراثة الذنب، حيث لا يرث أحد ذنوب أبيه أو أجداده، وإنما كل إنسان معلق بأعماله فقط ولايحاسب إلا عليها فقط.
وعدد القرضاوي مواقف استغفار الأنبياء، مؤكدًا أنهم أعلم الناس بالله عز وجل وأتقاهم له، ومع ذلك كانوا أكثر استغفارًا وتحققًا باسم الغفور سبحانه وتعالى، مؤكدًا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثرهم استغفارًا، كما نقل الصحابة رضوان الله عليهم، أنه صلى الله عليه وسلم كان يستغفر الله عز وجل في المجلس الواحد أكثر من مئة مرة، مع أنه المعصوم صلى الله عليه وسلم.
وأوضح أن سعة رحمة الله ومغفرته تسع كل شيء الصغائر والكبائر، وإن تمادى الإنسان فيها وعاد إليها مرة بعد مرة، وهؤلاء هم الأوابون الذين يذنبون ثم يعودون إلى الله بالتوبة فيغفر الله لهم، مضيفًا: لكن مغفرة الله ورحمته لا تسع الشرك بالله والكفر به سبحانه وتعالى، لأنه اعتداء على حق الألوهية.
وبين أن المسلمين مطالبون بالتخلق بأسماء الله تعالى، وفيما يخص باسم الغفور، فإن المطلوب من المسلمين هو التحلي بالمغفرة والصفح عمن أساء، وعدم مقابلة السيئة بمثلها، وعليهم التعالي عن هذه الصغائر ابتغاءً لمرضات الله عز وجل
الموضوع الاصلي :
القرضاوي يدعو إلى الجهاد بالمال نصرةً للأقصى المصدر :
منتديات الباسل الكاتب: زهرة10 
